محركات الجهل ( البحث )

ما ان يقع اي منا في حيرة من امره في البحث عن نص او قضية او رأي أو حتى بيت شعر أو معنى الا ويلجأ الى محركات البحث وما اكثرها وما اشهرها ، فيقع في يده كل ما يتعلق بالبحث الذي يبحثه

اتذكر ايام زمان كنانذهب الى المكتبات العامة حتى يحصل اي منا على معلومة ويظل يبحث في الفهرسة الموضوعية والهوامش وفهرسة ابجديه حتى يصل الى الكتاب الذي فيه المعلومة ثم يبحث عن تلك ا لمعلومة داخل الكتاب عبر الفهرس الموجود فيه ، اسلوب بحث كان مضنى ايامها ، ولكن هناك فرق فيما بين البحثين
وهذا هو موضوعنا
البحث الأول اسرع واكفأ ويكاد يكون بسرعة الضوء والبحث الأول فيه من البدائل الكثير والاختيارت واسعة مابين موقع الى اخر اما البحث الثاني فقد كان بطيئا ولكنه .. ( موثقا ) والتوثيق ضالة الباحث اذ انه لايجب ان يظل الانسان ناقلا للمعلومة او البحث من اي مكان ويطرحها كقضية مسلم بها دون التأكد من موثوقيتها ومصداقيتها ، وما يدريك ، فان على الشبكة التي نتعامل معها بالاسلوب البحثي الذي ذكرت عبر محركات البحث ما يدس كالسم في العسل ومنها ما لم يوثقه احد ومنه ما هو موضوع لكي يضلل الباحثين ومواقع مشبوهة معروف انتمائها حتى لو كانت اسمائها قريبة من نفوسنا ، ونسمع كل يوم عن ذلك ونراه ونلمسه .
اذا فالباحث لايجد ضالته كثيرا في محركات البحث التي اسميها محركات الجهل ، لأنها اصبحت تجهل الباحثين وتجعل انصافي المثقفين لعبة بين يدي اصحاب تلك المواقع وقد نشرها على محركات البحث على انها مصدر موثوق منها ، فينقل منها الانسان دون ان يعلم انه ناقل للكفر أو ناقل للجهل او الاتجاهات المشبوهة
وكم من الاحاديث المشوهة والمعلومات الغير دقيقة والاشياء التي وضعت على تلك المواقع لكي تلهينا عن الصحيح من العلم ، وكم من المواقع نعلمها يوما بعد يوم يكون الهدف من اقامتها تضليل العامة من الناس خصوصا الذين ارتكنوا على محركات البحث ونقل المعلومات جاهزة من الانترنت دون تفحصها او التأكد
بدأ التضليل طبعا بطرح احاديث وشروحات دينيه معروفة الاسباب ، وانتهت بالدجل العلمي ، واصبحنا ناقلين لكل شئ سواء كان صحيحا ام غير ذلك واذهب الى اي معلومة خاطئة وتتبع كيف انتشرت ترى انها انتشرت بين منتدياتنا فكل منا يأتيه البحث احيانا الى داره عن طريق رسائل بريديه الكترونية أو حتى رسائل موبايل ونقرأ يوميا في المنتديات عن معلومات مغلوطة علميا سرعان ما تتبخر بعد ان نكون من الحماس في نقلها لتصبح اسرع من النار في الهشيم
فهذا شامبو يسبب السرطان وهذا انسان سخطه الله لأنه لم يفعل كذا وصور تنشر وهي اصلا مدسوسة ثم صور تطعن في الدين والعقيدة والمثل العليا ونرى منا من هم اكثر حماسا من الذين روجوها نراهم يروجون تلك الاكاذيب ويكتبون تعليقا عليها .. حسبنا الله ونعم الوكيل .. وهم ينشروها علينا اكثر من ما كان يأمله مروجوها الحقيقيون
وحتى البحث العلمي ، لم تعد هناك قضية مسلم بها ولا شئ موثق على الشبكة فكل من هب ودب فهو يكتب شعرا ويكتب تفسيرا ويكتب مقالات ببضع كلمات التقطتها من هنا وهنا وقراءات واحيانا اكاذيب ثم يقوم بنشرها على انها من ابتكاراته ، ويلهو الناس في خواطرهم بالفاظ هي اشبه بالترويج للفاحشة على القدرة على الابداع ، وبينما يتوه العلماء في بحوثهم مابين موقع للأخر تتوه الحقيقة ايضا في غياهب البحث في محركات الجهل
لهذا نقول دائما انه ليس من الحصافة النقل عن مواقع معروفة اما بنواياها أو بسذاجه طرح اعضائها فهم اما ناقلون للجهل والكفر واما متصيدون له في كل ما ينشر حتى تصبح مواقعهم عبارة عن لوحات جدارية تمثل جهلا مطبق ليس به اي نوع من الابداع الشخصي او البحث العلمي الذي يجب ان نتوخى الدقة والصدق فيه
كما انه لايجب ان نرتب افكارنا ولا معلوماتنا الا من مصادر نعرفها ونثق بها وهذا لايتم الا بالبحث في اماكن العلم وليس معلقات المعلومات هنا وهناك واماكن العلم الحقيقية والنظريات الصحيحة موجوده وبقليل من الجهم منا نعرفها ونعرف اتجاهاتها ، فالحذر الحذر من نقل كل ما هو منشور حتى لو اعجبنا فلربما كان السم بكمية قليلة داخل العسل فلا نراه وربما تكون عقولنا قاصرة عن ادراك اهداف تلك المواقع المشبوهة وناقلين منها فنضيع ونضيع من يقرأنا .
فكيف بالله ان تكون مجموعة بريدية ترسل بريدها لكل من هو على الشبكة فيها من الجهلاء اكثر من العلماء ، يأتينا بريد فننشره اسرع من البرق لمجرد اعجابنا بشكله او بالصور الملفقة التي تطرح فيه ، وحتى الرسائل الدعوية وما اكثرها يجب ان نتوخاها فيما بين كتب الحديث الصحيحة فلا ننجر وراء كلمات غريبة ليس لها اصل من الدين ولا الواقع تكون مغلوطة على نبينا وقرآننا .. كالذي ينقل حديث يبكي منه الشيطان وحديث يضحك عليه فلان من الملائكة وكلمات غريبة ليس لها اصل من حديث ولا اسناد من اثر ولا واقع من ضمير حتى ونرى العامة يشنروها وكأنها اشياء مصدق بها فنتحمل وزرها ووزر من اتبعها أو صدقها
ليس من المفروض ان يكون الانسان عالما في كل شئ والا اصبح جاهلا بكل شئ .. ولن تجد العلم مطروحا بالمجان موثقا الا بالبحث المضني ، فلا تسرع في نقل اي معلومة الا بعد التحري عنها ، واستفيد بمحركات البحث لتكون محركات بحث وليس محركات جهل وافتراء .. ودقق المعلومة في اكثر من جهة مختلفه ثم ارجعها الى عقلك فهل تجد منها اثر من عقل .. أو منطق .. عندها ليس هناك اي مانع من نشرها ولا تكن كالذي يبحث في صناديق القمامة عن اي شئ يعتقده قيما ، وينقله الى صالونات بيوت اصحابه بحجة اقتناعه بها
قليل من الجهد منا والبحث الموثوق وسوف نكون بعيدا عن محركات الجهل التي جعلت هذا الجيل اتكاليا كسولا في البحث العلمي واكتفى بطرح كلمة في محركات البحث ونقل من اول موقع يظهر له دون التحقق حتى من هوية هذا الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

عنما كنت أدرس فى كلية الحقوق ؛ تفضل أحد الأساتذة الأجلاء بالقول ؛ يكفى الواحد منكم أن يتعلم كيف يفتح المرجع ليستقى منه مايُريد

والأمر ليس بهذه السهولة التى قد تبدو لأول وهلة ؛ فلا يعرف كيف يفتح المرجع سوى من حصّل المعلومات الكافية بحيث يعرف أين يبحث

والأمر كذلك فى محركات البحث-الجهل ... فلايستطيع تقدير الغث من الثمين سوى من له الخلفية الثقافية المناسبة ؛ وللأسف قد تكون

الأجيال التى تعلمت فى المكتبات- كماذكرت أخى الفاضل- هى المؤهلة للبحث الجيد فى الفضاء الإفتراضى لأن هذه الأجيال قد تأسست لديها

قواعد متينة من الثقافة ..... والأمر كماذكرت أستاذ/ مصطفى ؛ من الصعب على الأجيال التى نشأت فوجدت الكمبيوتر بمنجزاته أمامها

... من الصعب عليها تحصيل معلومات قاعدية صحيحة ... فالأمر أشبة بالتيك أواى

حتى بالنسبة لنا ... فعندما اضطر للبحث عن معلومة فى مشكلة قانونية مثلاً ؛ قد آتى بالحل ؛ ولكن لامندوحة من العكوف بهدوء على

الكتاب أو المرجع لتحصيل معلومة متكاملة

كان الله فى عون أبنائنا

بالفعل استاذنا الفاضل
انا اشفق على هذا الجيل من اشياء كثيرة ومنها ما ذكرت ، فحتى العابهم ليست كما كنا نصنعها بايدينا من صغرنا ، هي الكترونية تفقدهم حاسة الخلق والابتكار ، اما بالسنة لمحركات الجهل فهي محركات عمياء ، تبحث عن اي شئ متعلق بالموضوع بغض النظر عن كونه حقيقيا او ملفقا ، وكثير من الاحاديث رويت عن طريق البحث ولا انزل الله بها من سلطان ولا قالها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهذا مكمن آخر من الخطورة ، وانتشرت بفعل الجهل والسذاجة انتشار الاحاديث الصحيحة ، حتى ان الذي لايطلع على الاصول يتخيل بصدقها ، الاضافة الى هذا انه يجب ان يتسلح الباحث بالمعرفة الكافية وليس مجرد النقل من اول موقع او رابط يتحدث عن الموضوع ونأخذه على عواهنه ، وايضا الخلفية الثقافية والمعرفية يلزمنا ان تكون لدى الباحث حتى يفرق بين ما هو غث وكم منه متوفر على الشبكة وما و سمين
حتى لايأتي علينا يوم نصبح فيه كالغشاش في صالة الاختبارات ينقل كل ما يكتبه الطالب الذي بجواره حتى لو كان خطأ الى ان يأتي يوما ينقل فيه اسم صاحبه ايضا

» البحث عن صديق