موضوع جديد نفتتحه بإطلالة عام هجرى جديد 1432ه....
سنة من أعمارنا .... طويناها كسنين ماضية
سنة مرت علينا كغيرها من السنين فيها فرحا وحزنا ....
أرواحا قبضت ... وأطفالاً ولدت ....
دولاً احتُلت .... وشعوباً دمرت
فما أعظم أن ندرك عظمة هذا التاريخ وهذه السنة التي مرت علينا ....
وأن نعيد حساباتنا ونراجع اعمالنا ونقف عند الزلل وعند الخطأ لتقويمه وتفاديه .
وأن نحاسب انفسنا لتقصيرها ...
وان نجدد صلتنا بخالقنا ونجدد توبتنا وإنابتنا ....
وأن نشع في نفوسنا التفاؤل في مستقبلنا وفي مستقبل الامة الإسلامية ...
فكل يومٍ يمر بنا فإنها تبعدنا من الدنيا وتقربنا من الآخرة وإن هذه الأيام والليالي مستودعاً لذخائرنا وأعمالنا من خيرا وشرا .
اللهم ونحن نودع عاماً ماضياً ونستقبل عاماً جديداً أن تعفو عما سلف في أعوامنا الماضية وأن توفقنا لما تحبه وترضاه في أعوامنا المستقبلة وأن تجعل حاضرنا ومستقبلنا خيراً من ماضينا يا رب العالمين
واللهم اجعله عام خير على الجميع وعام عزة وتمكين للأمة الاسلاميه .
التاريخ الهجري انْتِماء محمد عليه الصلاة والسلام .. رسول الرحمة ونبي الملحمة
بِه نُفاخِر .. وإليه ننتسب وننتمي ..
فنحن أمّة محمد صلى الله عليه وسلم ..
وقد أحسن القائل فيه صلى الله عليه وسلم :
تأريخنا أنت أمْهَرْنَاك أنْفُسنا *** نمضي على قبساتٍ مِنك أو نَقِفُمِن هذا الْمُنْطَلَق ..
وانطلاقا مِن مَحَـبَّـتِه صلى الله عليه وسلم .. وعَودة إلى سُنَّـتِـه ..
فإنَّ محبته صلى الله عليه وسلم ليستْ مُجرَّد قول ، وإنما هي قول وفِعْل ..
فأصْحَابه - رضي الله عنهم - الذين صَدَقُوا في مَحَـبَّـتِه قَدَّمُوا الـنَّفْس والـنَّفِيس .. وفَدَوه بأرواحهم .. حتى قال قائلهم : نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ . كَما في الصحيحين .
أولئك الذين لم يَرْتَضُوا بِسُنَّـتِه بَدلاً ، ولا عَن هَدْيِه حِوَلا ..
واقتداء بِمن أُمِرْنا أن نَقْتَدِي بهم من الخلفاء الراشدين ، الذي قَضَوا بالحق وبِه كانوا يَعْدِلُون
وقد كان مِن هَدْيِهم الـتَّوْرِيخ بِتَارِيخ هِجْرَتِه صلى الله عليه وسلم .
قال البخاري : بَاب التَّارِيخِ . مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ ؟
قال ابن حجر عن التَّوْرِيخ : ذَلِكَ كَانَ فِي خِلافَة عُمَر . وَأَفَادَ السُّهَيْلِيّ أَنَّ الصَّحَابَة أَخَذُوا التَّارِيخ بِالْهِجْرَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّل يَوْم ) ؛ لأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُ لَيْسَ أَوَّل الأَيَّام مُطْلَقًا ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ أُضِيف إِلَى شَيْء مُضْمَر وَهُوَ أَوَّل الزَّمَن الَّذِي عَزَّ فِيهِ الإِسْلام ، وَعَبَدَ فِيهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبّه آمِنًا ، وَابْتَدَأَ بِنَاء الْمَسْجِد ، فَوَافَقَ رَأْي الصَّحَابَة اِبْتِدَاء التَّارِيخ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْم . اهـ .
فَما أشْرَقَتْ شَمْس الْهَدَى ، ولا أضاء نُور الْحَقّ إلاَّ بِمَبْعَثه صلى الله عليه وسلم .. ولا شَعّ شُعاع الإيمان ، ولا ارتَفَعَتْ رَاية الْحَقّ عَالِيَة خَفَّاقَـة ، ولا انْزَوى الْكُفر إلاَّ بَعد هجرته صلى الله عليه وسلم إلى طَيبة الطَّيِّبَة ..
فمن هُنا أرَّخ الصحابة رضي الله عنهم مِن تاريِخ هِجرته لا مِن يوم مولِده ، ولا مِن يوم مَبْعَثِه صلى الله عليه وسلم ..
لذا كان على أمَّـة الإسلام أن لا تَبْغِي بِتاريخ هِجرته صلى الله عليه وسلم بَدَلا ، ولا ترضى عنه تَحوُّلا ؛ لأنَّ التاريخ الهجري في حقيقته انْتِمَاء لأصل هذه الأمة ، وعَودة إلى مَجْدِها وعِزِّها .. ذلك أن مَن ليس له ماضٍ فليس له حاضِر ..
ولأنه يربط المسلمين بِعِزِّهم ومَجْدِهم ، فلا يُصْلِح آخر هذه الأمة إلاَّ مَا أصْلح أوَّلهـا ، كمـا قال وَهب بن كَيسان رحمه الله .
ويَتَحَتَّم العَمَل بِتاريخ هِجرته إذا انْضَاف إلى ذلك أمور ، منها :1
– ارْتِبَاط التاريخ الهجري بِالعِبَادات .
قال تعالى
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة:189] ..
والأهِلَّة جَمْع هِلال ، وهو إشَارة إلى الأشهر القَمَرِيَّة .
قال أئمة التفسير : جَعَلها الله مَواقيت لِصَوم المسلمين وإفطارهم ، وعِدّة نسائهم ، ومَحَلّ دَيْنِهم .
فالأهِلَّة مَواقِيت وتَوقِيت للناس في معاملاتهم ، وفي عِباداتهم .
فَعباداتنا ومعاملاتنا مرتبطة بتاريخ هجرة نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم .
2–
أنَّ التقويم الهجري تَقويم رباني ، فقد قال عليه الصلاة والسلام عن الأشهر القمرية في حَجَّة الوداع : إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ . رواه البخاري ومسلم .
3–
إجْمَاع الصحابة على العمل به ، بالإضافة إلى كونه مِن سُـنَّـة الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا أن نأخذ بِسُنَّتِهم ، ونَقْتَدي بهم .
4–
أن المسلم مأمور باستقلالية الشخصية التي تُمَيِّزه عن الكافر ، ولا شك أنَّ ظهور التاريخ الميلادي في بعض بلاد المسلمين - إن لم يكن في أكثرها - كان سببه الاحتلال الكافِر لبلاد المسلمين !
ومِن باب تَرْك التَّـشَـبُّـه بأعداء دِين الله ..ومِن باب إحِياء سُـنَّـة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أمَاتها كثير مِن الناس
فإني أدعو جميع إخواني المسلمين وأخواتي الْمُسْلِمات – كُلٌّ في موقِعه ومَكانه – إلى اعتماد تاريخ هجرته صلى الله عليه وسلم ابتداء ، وإلى إحياء سُـنَّـِته صلى الله عليه وسلم .. وإشهار ذلك بين الناس ، والإنْكَار على من يُؤرِّخ بالتاريخ الميلادي ، ويَجعَله أصلا ، بحيث لا يلتفت إلى تاريخ هجرته صلى الله عليه وسلم ..
إذ مِن المتعيِّن استعمال التاريخ الهجري ابتداء وأساسا .. ثم إذا أُريد إضافة تاريخ ميلادي للحاجة أو لمن لا يَعرف التاريخ الهجري يكون تبعا لا أصلا ..
وللعِلْم .. فقد أثبت أحد الباحثين خطأ التأريخ الميلادي
والباحث هو الفلكي محمد كاظم حبيب، الذي أثبت خطأ التاريخ الميلادي ، وسجّل ذلك بجامعة واشنطن دي سي الأمريكية !
وقد نال براءة اختراع التقويم الهجري الأبدي المقارن من الولايات المتحدة الأمريكية – واشنطن دي سي .
وقبل هذا أو ذاك .. تاريخنا الهجري يعني الانتماء إلى صاحب الهجرة عليه الصلاة والسلام ..
وعَوْدَة إلى مصدر العِزَّة ، ومنبع الفَخْر ..
قال عمر رضي الله عنه : كُـنَّا أذَلّ قَوم ، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام ، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله .
وقال : إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِـزّ بِغَيره .
فَهلاَّ عَودة إلى الأصل ؟ ورُجُوع إلى هَوية الأمَّـة ، وربْط الأمة بِماضيها الـتَّلِيد ، وعِزِّها الْمَجِيد ؟
.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول :
قال تعالى : {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى }طه15 , وقال صلوات الله وسلامه عليه : كما في الحديث الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنهما ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ))( رواه البخاري )
اخواتى
وقتك هو عمرك الذي تعيشينه فاحرصي على استغلاله فيما يقربك من الله عز وجل وابتعدي عن سفاسف الأمور وتوافها ...
واعلمِ أن الساعة بل الدقيقة التي تذهب من عمرك لن تعود إلى يوم القيامة ... واليوم الذي أذنت شمسه بالمغيب لن يعود إلى يوم الدين ...
وقد كان السلف رضوان الله عليهم يحرصون على استغلال أوقاتهم أشد الحرص ...
فهذا يحيى بن زكريا عليهم السلام وهو طفل صغير يُقال له من قبل أقرانه : هيا بنا نلعب , فيقول ماللعب خُلقنا ..
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه اقترب فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ..
فلله دره هو صحابي جليل ساقاه النحيلتان أثقل في الميزان من جبل أحد كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
وقال سعيد بن جابر لما احتضر ابن عمر قال: لم آسف على شيء في الدنيا إلا على ثلاث ضمأ الهواجر ومكابدة الليل ولم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا يعني الحجاج"
ويقول ابن عمر رضي الله عنهما : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك "
ويقول أحد السلف الصالح : لو فاتني وردي من الليل لم أستطع قضائه في الصباح ـ لانشغال وقته ـ .
وما زال هذا الحرص في سلفنا الصالح إلى زماننا هذا فقد ذُكر عن سماحة الوالد الشيخ ابن باز عليه رحمة الله ورضوانه رضواناً لا ينقطع إلى يوم الدين كان لا تفوت خمس دقائق من عمرة إلا بذكر أو تسبيح أو سؤال عن أحوال المسلمين وما صحت سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا فعلها ...
وهذه أخت أعرفها حريصة على استغلال وقتها فما أراها إلا سباقة في الخيرات تحدثك ولسانها مشتغل بذكر الله عز وجل , حياتها تقضيها في طلب العلم الشرعي وتعليمه ... تبتسم في وجهك لأنها تعي " وابتسامك في وجه أخيك صدقة " ... فالجلوس معها والحديث يرفع منسوب الإيمان ....
هكذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على استغلالها
فيـآ اخواتى
استغلِ أوقاتك في بناء مجدك في الدارين
فاستغلِ الوقت / في الصلاة والصيام والواجبات وتلاوة القرآن والذكر وطلب العلم الشرعي وحضور حِلق الذكر
وفري من أولئك الصديقات اللاتي يقتلن الوقت فلا هم لهن إلا توافه الأمور " ذهبنا , أتينا , وفلانة بها كذا وكذا " ...
اخوآتى
بيـــــــــدك أن تصنعي مجد أمتك بنفسك بحرصك على الوقت بعد توفيق مولانا سبحانه
واقرئي في سير الصالحين , وكيف كان حرصهم على الوقت , واستعيني بالرفقة الصالحة التي تقربك من الله عز وجل , وانخرطي في الأنشطة في دور التحفيظ وغيرها فهي خير معين على استغلال الأوقات واعمارها...
وابتعدي عما يبعدك من الله عز وجل " من غيبة ونميمة , وفضائيات وغيرها " , وتجنبي فضول المباحات من الحديث الذي لا فائدة منه فهو أزكى للنفس وأسمى ...
وأخيراً
أذكركن بقول الله تعالى {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ }المنافقون10
وبقوله صلى الله عليه وسلم : " اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك" رواه الحاكم وصححه الألباني وبقوله كذلك ـ صلوات ربنا وسلامه عليه ـ "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما" [رواه البخاري]
وبقول الشاعر
دقات قلب المرء قائلـــة له *** إن الحياة دقـــــائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها ***فالذكر للإنسان عمر ثان
وبقول الشاعر
ولدتك أمك يابن آدم باكياً *** والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وبقوله كذلك
سألت الدار تخبرني *** عن الأحباب ما فعلوا ؟؟
فقالت أناخ القوم *** أياماً ثم ارتحلوا
فقلت فأين أطلبهم *** وأي منازل نزلوا؟؟
فقالت بالقبور ولقد *** لقوا والله ماعلموا
ملاحظة / " كلماتي هذه في الحرص على استغلال الوقت بشكل عام ولا دخل لها بالعام الهجري الجديد "
وفقنا الله لمعالي الأمور وغفر للمسلمين والمسلمات أحيائهم وأمواتهم
:
:
في بداية العام الجديد اعاده الله عليكم بالخير والنصر
والرحمات، أهم وأجل ما نستذكره هو هجرة نبينا وحبيبن
ا محمد صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة بعد ان
كابد وجاهد لنشر رسالة ربه عزوجل التي اوكلها اليه
وخصه بها، ومن هذه المناسبة ادعو أخواتي المسلمات
أخواتي في الله ومن قلب محب لرسول الله ان نعيد جميعا
حساباتنا في العلاقة مع الخالق سبحانه ووعلاقتنا ومدى
حبنا لرسول الله عليه افضل الصلاة والسلام، وان نكون
اوفياء له وان نبقى نتذكر الالم الذي تعرض له حبيبنا ليصلنا
الاسلام وشرعه على طبق من ذهب، الا يستحق هذا
النبي العظيم الولاء والوفاء منا؟!ومن حبه صلى الله عليه
وسلم نلتزم طوعا بسنته الشريفة الطاهرة ودراسة منهجه
والاقتداء به في المعاملات والاخلاق مع بعضنا ومع غيرنا ،
حتى نكون أمة مأثّرة بغيرها وليست متأثرة.
كما ادعوكن اخواتي بحب من احبه رسول الله عليه الصلاة
والسلام من آل بيته وصحابته رضوان الله عليهم وان
نجعلهم نماذجا اساسية في حياتنا فهم الصفوة في بداية
عهد النبوة ،وفي حياتهم ضربوا اروع الامثلة في الطاعة
والعبادة والجهاد في سبيل الله، واننا نجد ان ديننا غني
ومليء بالشخصيات القوية النقية، فهم اولى ليكونوا قدوة لنا
في حبهم لنبيهم وتمسكهم بشرعهم وطاعتهم
اللامحدودة لربهم رب العزة والجلال، وأن نعلم ابناءنا من
الصغر على حبهم واحترامهم ، ولا خير فينا ان نسيناهم
او تم تهميشهم دون شعور.
اسأل الله تعالى ان ينفعني واياكم بالقول الصالح وان يكون
هذا العام عام الخير على امتنا الاسلامية.
قَطَعْتَ شُهورَ العـامِ لهـواً وغفلةً *** ولم تحترم فيمـا أتَيْتَ المُحَرَّمــا
فلا رجَبــاً وافَيْتَ فـيه بِحَقِّـهِ *** ولا صُمتَ شهر الصوم صوماً مُتَمَّما
ولا في ليالي عشرِ ذي الحجةِ الذي *** مضى كُنْتَ قَوَّاماً ولا كُنْتَ مُحْرِما
فَهَل لك أن تمحو الذُّنوب بِعَبرةٍ *** وتبكي عليهــا حسرةً وتنَدُّمـا
وتستقبلَ العــامَ الجديدَ بِتَوبةٍ *** لعلَّك أن تمحو بهـا مــا تَقَدَّمـاشهر الله وفضل صيامه شهر الله المحرّم شهر عظيم مبارك وهو أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ..} الآية 36 سورة التوبة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «
أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم. وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة، صلاة الليل»رواه مسلم (1163)
قوله: (شهر الله ) إضافة الشّهر إلى الله إضافة تعظيم. و تدلُّ على شرفه وفضله؛ فإنَّ الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواصَّ مخلوقاته .
شهرُ الحَرَامِ مُبَاركٌ مَيمُونًُ *** والصَّومُ فِيهِ مضَاعَفٌ مَسنُون
وَثُوابُ صَائِمِهِ لِوَجْهِ إِلَهِه *** فِي الخُلْدِ عِنْـدَ مَلِيكِه مخزونفيه يوم يكفّر السنة الماضيةقال النبي صلى الله عليه وسلم: (
صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) رواه مسلم 1976 ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم.
فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذهِ الأيام العظيمة، فما منها عِوضٌ ولا لها قيمة . المُبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجومِ الأجل، قبلَ أن يندمَ المُفرِّطُ على ما فعل، قبلَ أن يسألَ الرَّجعةَ ليعملَ صالِحاً فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أن يَحولَ الموتُ يبنَ المُؤمّل وبلوغِ الأمل، قبلَ أن يصِيرَ المرْءُ مرتهناً في حفرتِهِ بِما قدَّمَ من عمل .
مَنْ يُرِد مُلكَ الجِنَانِ *** فَليَدَع عَنهُ التَّوانـي
وليَصِلْ صَوماً بِصومٍ *** إنَّ هذا العيشَ فاني
وَليقُم في ظُلمةِ اللّـيـل إلى نور القرآن
إنَّما العَيـشُ جِـوارُ الله فِي دَارِ الأمـان يتبـع • الأخذ بالاسباب وبذل الوسع في الإعداد، فقد بذل الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل الأسباب لنجاح الهجرة، والله سبحانه يكمل العجز البشري، فمع بذل الاسباب لابد أن تكون هناك أمور خارجه عن الإرادة، وفي قصة الهجرة نرى كيف اجتمع المشركون عند باب النبي صلى الله عليه وسلم قبل خروجه وكان المقرر أن يخرج قبل ان يجتمعوا.
• لم يعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على الأسباب وترك رب الاسباب بل بعد أن بذل الأسباب تحلى بيقين عظيم، يقين أن ماأراده الله سيكون حتما ويظهر ذلك في قوله "ماظنك باثنين الله ثالثهما" وظهر كذلك في عدم إلتافته يوم الرحله يرقب من يتبعهـ وبغير هذا اليقين لن يتم أي نصر للأمه.
• لم يفقد صلى الله عليه وسلم روح الأمل مع خروجه الصعب من مكه وبشر سراقه بسواري كسرى مع الظروف التي كان يعيشها.
• حرص النبي صلى الله عليه سلم على مسألة الصحبة فلو تأملنا لوجدنا أنه عاش حياته بصحبة وخرج الى الطائف بصحبة وقابل الوفود بصحبة وهاهو يسأل جبريل الصحبة في الهجرة.
• القائد العظيم الذي يعيش معاناة شعبه يعيش معهم حياتهم بكل مافيها من آلام وتضحيات وقد كان من الممكن ان ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة بسهولة ويسر بعيدا عن المشاق كيوم انتقل على البراق في حادثة الاسراء والمعراج.
• نرى كيف أن الدعوة في دم النبي صلى الله عليه وسلم فهو لايضيع فرصة ويدعو من استطاع ورأينا ذلك حينما دعا بريدة وأصحابه من قبيلة بني أسلم فأسلم الرجل وتغير حال القبيلة.
• استعداد الصديق لعمل أي شيئ لله مع أي ظرف وكان همه أن يرضي الله عزوجل.
• حب الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم فهو يجتهد في إتقان حبه فيبكي من الفرح لصحبته صلى الله عليه وسلم ويمشي أمامه وخلفه خوفا عليه صلى الله عليه وسلم.
• بذل الصديق وتقديمه كل مايملك "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى،وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى".
• استخدام الصديق عائلته في الهجره، فهاهو عبد الله بن أبي بكر ينقل لهم الاخبار وهاهي أسماء بنت ابي بكر تعد الزاد وتنقله لهم في الغار وعامر بن فهيرة يتبعهم ليزيل آثار اقدامهم، وهذا الذي يحسن ان يكون عليه الدعاة فبعض الدعاة يعانون من غياب كبير للفهم وضياع للأولويات فنجده مقصر مع رعيته ومشغول عنها في الخارج
خير الأعمالكان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما وصل المدينة أن بنى المسجد العام في الفناء الذي بركت فيه ناقته، وذلك بعد عمارة مسجد قباء، وكان الفناء قد اشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه وكان مربداً للتمر، وفيه قبور، وشجرات نخل، وجذوع هرمة، وحفر مهجورة، فنبشت القبور وقطعت الجذوع وسويت الحفر واشترك المسلمون جميعاً في هذا العمل بما فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام, وكانوا يرددون الأراجيز لتنشيط النفوس وترويح القلوب.
-ولما بني المسجد النبوي صار مصلى المسلمين ومتعبدهم ومنتداهم ومكان تشاورهم، وكان فيه صفَّة يأوي إليها الفقراء والمساكين ممن لا دار لهم ولا مال ولا يجدون ما يعملون به فيكتسبون، وفيه تلقى دروس العلم والحكمة وكان بناء المسجد يتكون من حيطان من اللبن والطين، وجعلت عضادتاه من حجارة، وجعل سقفه من جريد النخل، وعمده من جذوعه، وفرشت أرضه من الرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب وطوله مما يلي القبلة إلى مؤخرته مائة ذراع والجانبان مثل ذلك أو دونه، وكان أساسه قريباً من ثلاثة أذرع.
- وحدث تغيير في عمارة المسجد حيث تم تحويل القبلة في العام الثاني من الهجرة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، قال تعالى: ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) البقرة 144.
- ثم شرع الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء بيوت إلى جانب مسجده، وهي بيوت الحجر باللبن وسقفها بالجريد وجذوع النخل، وبقي المسجد النبوي على هذا الحال حتى جاء عهد عمر رضي الله عنه الذي اشترى الدور المحيطة بالمسجد واستحدث باباً للنساء.
-أما في عهد عثمان رضي الله عنه فقد زيدت في المسجد زيادة كبيرة حيث بني جداره من الحجارة وسقفه بالساج، ثم قام الوليد بن عبد الملك في عهده بشراء الدور المحيطة بالمسجد وضمها إلى المسجد كما أدخل حجرات أم المؤمنين ضمن الزيادة في المسجد.
-ثم زاد الأبواب الخليفة المهدي العباسي ثم زيدت الأروقة في العهد العثماني، إلى أن بلغ المسجد النبوي أضخم توسعتين في تاريخه وذلك في عهد الدولة السعودية المباركة حيث جاءت التوسعة الأولى في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله ثم سار على نهجه أبناؤه الملوك من بعده رحمهم الله، إلا أن التوسعة التي حصلت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله تعالى وهي أكبر توسعة شهدها الحرم النبوي منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر.