كل رجل أصيب ولو مرة واحدة بالصداع، فيما يتعرض الكثير من الآخرين إلى عدد كبير من أنواعه، والصداع الخفيف أمر زائل يمكن معالجته بحبة من دون وصفة طبية أو بتناول الطعام أو شرب القهوة، أو الراحة.
إلا أن التعرض للصداع الشديد، أو غير المعتاد، يهدد بمخاوف من حدوث السكتة الدماغية، أو الأورام، أو الخثرات الدموية، ولحسن الحظ فإن هذه المشاكل نادرة الحدوث، ومع هذا فعليك أن تعرف متى يجب عليك الاهتمام السريع بالصداع، وأن تتعلم السيطرة على حالات الصداع المتكررة التي تهدد حياتك.
الألم ليس في الدماغلا يعرف الأطباء أسباب حدوث 9 من كل 10 أنواع من الصداع، إلا أنهم يعرفون أن أنسجة الدماغ والجمجمة ليست مسؤولة عنه، لأنها لا تمتلك الأعصاب التي تتحسس الألم، إلا أن الأوعية الدموية في الرأس والرقبة يمكنها أن ترسل إشارات الألم، وكذلك الأنسجة المحيطة بالدماغ، وبعض الأعصاب التي تنطلق من الدماغ، ويمكن لفروة الرأس، الجيوب الأنفية، الأسنان، العضلات والمفاصل في الرقبة، أن تتسبب في حدوث الصداع.
متى يجب القلق؟يمكنك علاج الصداع بنفسك أو بالتعاون مع الطبيب، إلا أن بعض أنواعه تتطلب رعاية صحية سريعة، وإليك بعض العلامات التحذيرية:
- صداع يظهر لأول مرة بعد سن 50 عاما.
- حدوث تغير جوهري في شكل الصداع.
- «صداع لم يشاهد مثله أبدا» حاد، وغير اعتيادي.
- ألم يزداد حدة مع السعال والحركة.
- أنواع من الصداع تزداد شدة مع الزمن.
- حدوث تغيرات في الشخصية أو الوظائف العقلية.
- أنواع الصداع المصاحبة بالحمى، تيبس الرقبة، التشوش، تدني التركيز أو الذاكرة، أو بظهور أعراض عصبية مثل اختلال البصر، تعثر النطق، الضعف، التنميل، أو التشنجات.
- أنواع الصداع المصاحبة باحمرار العين.
- أنواع الصداع المصاحبة بالألم في منطقة الصدغين وازدياد حساسيتهما.
- أنواع الصداع التي تمنع مزاولة النشاط اليومي.
- أنواع الصداع التي تأتي فجأة، خصوصا تلك التي توقظ من النوم.
- أنواع الصداع لدى المصابين بالسرطان أو بنقص في المناعة.
أصناف الصداع هناك أكثر من 300 نوع من أنواع الصداع، ولا تعرف أسباب سوى 10 في المائة منها. أما الأنواع الباقية فتسمى «الصداعات الابتدائية» primary headaches. وفي ما يلي بعض من هذه «الصداعات الابتدائية»:
1- الصداع التوتري الصداع التوتري Tension ـ type headaches من أكثر أنواع الصداع شيوعا ويصيب نحو ثلاثة من كل أربعة من البالغين، وفي أغلب الحالات يكون خفيفا إلى معتدل الشدة ولا يتكرر ظهوره.
إلا أن قلة من الناس يصابون بنوع شديد منه والبعض الآخر يعاني من ثلاث إلى أربع نوبات منه أسبوعيا.
ويولد هذا الصداع ألما ضاغطا غير حاد على جانبي الرأس. أما النوع الشديد منه فيولد ألما، وكأن الرأس موضوعة داخل ملزمة حديدية، وقد يصاب الكتفان والرقبة بالأوجاع بسببه، وتظهر بعض أنواع هذا الصداع نتيجة الإجهاد، التوتر العاطفي، مشاكل في عضلات ومفاصل الرقبة والفك، ويستمر أغلبها لفترة ما بين 20 دقيقة وساعتين.
وإن أصبت بهذا الصداع التوتري بشكل عابر، فيمكنك العناية به بنفسك، بتناول الأدوية من دون وصفة طبية مثل «أسيتومينوفين» («تايلينول» وغيره)، أو الأدوية غير الستيرودية المضادة للالتهابات مثل الأسبرين و«نابروكسين» و«إيبويروفين». كما أن كمادة حارة أو الاستحمام تحت مرشاش ساخن، قد يساعد في التخلص منه، فيما يشعر بعض الناس بالتحسن بعد حصولهم على إغفاءة قصيرة أو تناولهم وجبة خفيفة.
وإن كان هذا الصداع يصيبك بشكل متكرر، فحاول التعرف على أسبابه لدرء حدوثه، لا تجهد نفسك كثيرا، ولا تنسَ تناول وجبتك، تعلم وسائل الاسترخاء، واليوغا تساعد خصوصا لأنها تساعد على استرخاء الفكر وكذلك عضلات الرقبة، وإن كنت من الذين يطحنون أسنانهم أثناء الليل، فمن الأفضل استخدام قطعة لمنع اصطكاك الأسنان.
2- الصداع النصفي الصداع النصفي (الشقيقة) أقل حدوثا من الصداع التوتري، إلا أنه أشد منه عادة، وهو أكثر شيوعا بمرتين إلى ثلاث مرات بين النساء، إلا أن هذا لا يكفي لطمأنة ما بين 6 و8 في المائة من الرجال، الذين يصابون به.
ومنذ تقديم دراسة هارفارد على 20 ألفا و84 رجلا بين أعمار 40 و84 عاما، التي أشارت إلى أن التعرض للصداع النصفي يزيد من أخطار النوبة القلبية بنسبة 42 في المائة، أصبح على الرجال المصابين به، الاهتمام بقلوبهم أكثر.
ويعتقد علماء الأعصاب أن الصداع النصفي ناجم عن تغيرات في تدفق الدم نحو الدماغ وفي نشاط الخلايا العصبية، وتلعب الجينات 70 في المائة في ظهور الإصابة به لدى الأشخاص الذين يوجد لهم أقارب مصابون بالمرض.
محفزات الصداع النصفي رغم أن الصداع النصفي يحدث من دون تحذيرات، فإنه يبدأ بظهور أمر محفز له، وتختلف المحفزات بين شخص وآخر، إلا أن المصابين به يظلون في العادة حساسين لنفس المحفزات، وفي ما يلي أكثر المحفزات شيوعا:
- تغير الطقس: ازدياد الرطوبة، أو درجة الحرارة.
- عدم النوم، أو زيادته.
- الإجهاد.
- التوتر العاطفي.
- محفزات الأحاسيس: النور الساطع أو المهتز، الضوضاء، الروائح الشديدة.
- المحفزات الغذائية:
- عدم تناول وجبة الطعام في موعدها.
- تناول الكحول.
- الشوكولاته.
- النترات الموجودة في اللحم والسمك المقدد.
- الجبن المعتّق - زيادة الكافيين، أو نقصانه.
- «إم إس جي» MSG (غالبا ما يوجد في الأطعمة الآسيوية أو الجاهزة) ـ (مركب اسمه monosodium glutamate، وهو من مضافات الطعم ـ المحرر).
أعراض الصداع النصفي يبدأ الصداع النصفي عادة في المساء أو أثناء النوم، ولدى بعض الأشخاص، تسبق نوبته حالة تستمر عدة ساعات من الإجهاد، الكآبة، الخمول، أو الانزعاج والضيق، ولأن أعراض الصداع النصفي تتفاوت بشكل واسع، فإن نصف المصابين به على الأقل يعتقدون أنهم مصابون بالجيوب الأنفية أو الصداع التوتري، وليسوا مصابين بالصداع النصفي.
وتبدأ نسبة 20 في المائة من الصداع النصفي بظهور عرض واحد أو عرضين عصبيين، تسمى «الهالة البصرية» aura، إذ تكون الشكاوى البصرية الأكثر شيوعا، وقد تشتمل هذه الشكاوى على ظهور هالة، شرارات أو ومضات من الضوء، خطوط متموجة، بل وحتى فقدان البصر مؤقتا.
وقد تؤدي الهالة أيضا إلى حدوث التنميل أو الشعور بالوخز في أحد جانبي الجسم، خصوصا في الوجه أو اليد، وتظهر لدى بعض المصابين أعراض الهالة من دون تعرضهم للصداع النصفي، وغالبا ما يعتقدون أنهم أصيبوا بالسكتة الدماغية، وليس بالصداع النصفي، وتظهر أغلب حالات الصداع النصفي من دون ظهور الهالة.
وفي الحالات النموذجية، يكون الألم في أحد جانبي الرأس، غالبا ما يبدأ بألم حوالي العين والصدغ، قبل أن ينتشر إلى مؤخرة الرأس. ويكون الألم شديدا وكثيرا ما يوصف بأنه نبضي ودقّاق.
والغثيان أمر شائع فيما يعاني الكثيرون من المصابين بالصداع النصفي من تدميع العينين، وسيلان الأنف أو احتقانه، وإن كانت هذه الأعراض ظاهرة جدا، فقد تؤدي إلى إساءة التشخيص ووصف الحالة بأنها صداع الجيوب الأنفية sinus headache.
وأحد الطرق للتذكير بملامح الصداع النصفي تتمثل في استخدام كلمة POUND اللاتينية (الحرف الأول P للألم النابض pulsating pain، والحرف الثاني O لفترة يوم واحد من النوبات الشديدة المستمرة غير المعالجة one ـ day duration of severe untreated attacks، والحرف الثالث U هو للألم الأحادي (الوحيد الجانب) unilateral (one ـ sided) pain، والحرف N للغثيان والتقيؤnausea and vomiting، وأخيرا الحرف D لشدة الإعاقة disabling intensity).
ومن دون علاج فعال، فإن نوبة الصداع النصفي تمتد في العادة ما بين 4 إلى 24 ساعة، وعندما يعاني المصاب من الصداع النصفي فإن فترة 4 ساعات هي فترة طويلة ـ ولذلك يكون العلاج المبكر مهما جدا.
علاج الصداع النصفي إن نجحت في رصد الصداع النصفي في مراحله المبكرة فبمقدورك السيطرة عليه بأدوية تخفيف الألم من دون وصفة طبية، وأدوية «اسيتامينوفين»، الأسبرين، «إيبوبروفين»، «نابروكسين» أو توليفة من أدوية مكافحة الألم، والكافيين، كلها فعالة ـ إن تناولت جرعات كاملة منها مبكرا بعد النوبة، كما قد يعزز دواء «ميتوكلوبراميد» metoclopramide (ريغلان Reglan) من تأثير الأدوية غير الستيرويدية.
وعندما تكون هناك حاجة للأدوية الموصوفة طبيا، يلجأ الكثير من الأطباء إلى أدوية التريبتان triptans المتوفرة بهيئة حبوب أو بخاخات الأنف أو حقن يمكن للمصابين التعود على حقنها، وتشمل الأمثلة هنا على sumatriptan (Imitrex)، zolmitriptan (Zomig)، rizatriptan (Maxalt).
وتخفف أدوية التريبتان الأعراض تماما خلال ساعتين في 70 في المائة من الحالات، وتكون الاستجابات لها أفضل عند بدء العلاج مبكرا، ويحتاج بعض المصابين إلى جرعة ثانية خلال 12 إلى 24 ساعة.
ولأن أدوية التريبتان قد تؤثر على تدفق الدم إلى القلب وكذلك إلى الدماغ، فإنه لا ينبغي للمصابين بأمراض الشرايين التاجية أو بعوامل خطرعالية للإصابة بأمراض القلب، تناولها كما لا ينبغي تناولها من قبل المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب من عائلة SSRI.
ولبعض المصابين، لا تزال تلعب دورها الأدوية القديمة لعلاج الصداع النصفي، ومنها أدوية «إريغوت» ergot وتوليفات تحتوي على أدوية «باربيتورات» barbiturates. بينما يحتاج آخرون إلى أدوية مضادة للغثيان، وأدوية قوية لتخفيف الألم توصف طبيا، بل وحتى إلى أدوية الكورتيكوستيرويدات corticosteroid مثل «ديكساميثازون» dexamethasone.
تشاور مع الطبيب للتوصل إلى الطريقة الفضلى لعلاج الحالة، ولكن تذكر أن الاستخدام السيئ للأدوية قد يقود إلى عودة الصداع وإلى حلقة مفرغة من الأدوية والصداع، ولذا، وإن كنت تعالج نفسك أكثر من مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، فعليك التفكير بتوظيف العلاجات الوقائية.
.